الأربعاء، 19 يناير 2011

‎ متى يحي الله مصر بعد موتها ؟!!!


‎ متى يحي الله مصر بعد موتها ؟!!!
للأسف الأمل ليس بكبير لأن اللي أنا شايفه أن شعبنا تبلد حسه , وبالبلدي كدة تقدر تقول عليه إن جتته نحست من كتر ما عمل فيها على مر العصور وخاصة في أخر عهود بيروقراطيتنا ,,, آسف أقصد ديقراطيتنا العزيزة المبجلة " ,,,
فنحن في بلد أقل ما يوصف بأنها تحولت إلى جمهورية أسياد وعبيد ,,, فلم يعد هناك للأسف تصنيف آخر لطبقات الشعب ,,, ولم يعد هناك طبقة متوسطة ,,, ولا عاد ينفع التصنيفات المؤدبة أو المهذبة للسكان ,,, ولكن ما تبقى عندنا ناس عايشه في السماء السابعة كالملائكة وتصيف في جزر الكاريبي وتشتي في سويسرا وتفطر كافيار وتتعشى سيمون فيليه وأملاك لا تحصى وحسابات مكتظة بالمال في عدة دول وعندها طبعاً طائرات خاصة وطرق للإقلاع "رن وى خاص" للهرب إذا استدعت الظروف ذلك , وناس تانية عايشه كالأشباح موتى ودفنت منذ زمن أحياء ومن آن لأخر تسمع أصواتهم تأن وتتعذب من الشقوق , وده في مصر برضة وممكن تقول عليهم أنهم أيضاً مصريين "بس مش عارف ... إذا كنت ح تصنفهم من البني ادمين ولا من فصيلة تانية ,,, لأن دول بيناموا على الرصيف ولابسين شوية هدوم مقطعة ووشخه وصورتهم أسؤ من صورة أبى الليف قبل ما يستحمى "فهم لا يعرفوا طرف الستر ولا رفاهية النظافة وبياكلوا من الزبالة "....
ح تقول لي ما أحنا برضة مفروض نساعدهم ,,, ح أقولك أه آآآه ... نعم ولكن ما أنت عارف العين بصيرة وأيدنا القصيرة قطعتها الحكومة .
عموماً اللي شاعر بالناس دول فقط هم الفقراء اللي زيهم واللي ما يقدروش يقدموا إليهم فعلياً إلا القليل ,,, أما اللي عايشين في السما فهم بالطبع لا شايفين حد ولا حتى حد شايفهم إلا على البعد كالنجوم , ودول بس ممكن تقرأ أخبارهم في الجرائد أو تشوفهم في التلفزيون وتسمع أخبار إغداقهم على العاهرات بالملايين في بلد بتأكل فيه الناس من الزبالة وتنام على الرصيف .
ح تقول لي ما ربنا عايز كدة ,,, فأقول لك لأ طبعاً لأن ربنا سبحانه وتعالى أمر بزكاة تأخذ من مال الأغنياء لصالح الفقراء ,,, والفقراء ما ناموش في الشوارع ولا أكلوا من الزبالة إلا بسبب أن فيه واحد غنى أغتصب حقوقهم وصادر أحلامهم في الحياة وأقل ما يقال عن جلاديهم "بالتعبير المؤدب" أنه تم في غيابهم , فإما أنهم قد أهملوا في أخذ حقه أو تواطئوا مع الفاسدين عليهم ,,, ولكن لو كنت عايز التعبير الصح فأولى الأمر هم أساساً من استولوا على حقه ,,, تفتكر مين اللي يسأل ويحاسب الناس دول وهم كلهم أولاد حزب واحد ؟!!! يمكن للآسف إنهم نسوا إن فيه آخرة وحساب ولا أية ؟!!!
عل تعتقد أنهم فاكرين أنهم ممكن يأخذوا الفلوس معهم ويشتروا بها صكوك غفران تنفعهم في أخرتهم ولا أية ؟!!! ده حتى المثل المصري بيقول الكفن مالوش جيوب ,,, واللي سرق ونهب وظلم وكنز وح يذهب بعدها للقبر والفلوس اللي كنزها أشي في سويسرا وأشي في لكسمبرج وأشي في بنوك الكاريبي ولا حتى فتح ببعضها سيئة جارية ,,, بتعد له ليل نهار وح يترك بقيتها من بعده لفاسق يعيث بها في الأرض فساداً ,,, حتقول لي دول ربنا ح يحاسبه !!! أقول لك طب وفين إحنا ليه ما نحاسبوش بأيدينا فالله يحب المؤمن القوى ولا يحب المؤمن الضعيف !!!
عموماً لو كانوا يعرفوا بأن فيه آخره وحساب ما فعلوا . دول لو آمنوا بوجود الله أصلاً ما سرقوا ولا ظلموا ولا عذبوا . دول أفضل قول ينطبق عليهم قول الشيخ حسن البنا "لا هم لا أخوان ولا هم مسلمين" , دول مفسدين وجزاء المفسدين أن يقتلوا أو يصلبوا أو أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف قصاصاً على ما فعلوه بالناس , وصلى على اللي ح يشفع فيك .
إذا ... سبحان الله هو وحدة من يملك القلوب بيدية يحركها كيف يشاء , وهو الوحيد القادر على أن يحيها من جديد , ففد صدقت كلمات "الحلم العربي ... ماتت قلوب الناس ماتت فينا النخوة ... يمكن نسينا في يوم أن العرب أخوة" , ولكني أسمح لي بتغيير نهايتها بـ "يمكن نسينا في يوم أن المصريين أخوة !!! "
عموماً الواقع بيقول الآن إن رياح التغيير تهب من الغرب وذلك بالرغم من اعتياد العرب على إن رياح التغيير تأتى من مصر دائماً وهذا لأنها الأكثر ديمقراطية , ولكن مع مرور الوقت انقلبت الأوضاع وتأخرت مصر بتأخر كل شيء فيها نتيجة السياسات العقيمة والتخلف الإعلامي الغارقة فيه , فهو يعانى من كل الأمراض التي تعانى منها الحكومة المصرية مثل الركود والرتابة والفساد والملل والظلم ويعتمد على موظفين وسياسة دولة وروتين ولوائح ... الخ , ولن أناقش هنا قضية الإعلام فقد سبق أن طرحتها من قبل في كتابات سابقة ولا أريد أيضاً أن أناقش سياسات الدولة فقد سئمت التكرار "اللي إنتوا عارفينه بيعلم الـ ... شطار طبعاً !!!
المهم ما علينا فلنستفيق من هذا الكابوس الآن لنناقش موضوع الساعة الساخن وهو التغيير , فقد كنا سابقاً نعتقد إن التغيير سيبدأ من مصر وإن مصر ستثور أولاً وذلك لأسباب كثيرة أهمها اقتصادية وسياسية "بدءاً من الحريات إلى حقوق الإنسان" , ولكني في قراءة سابقة للأحداث منذ عدة سنوات توقعت الركود للأحداث في مصر وأنها أبعد ما تكون عن الثورة لأية أسباب أي إن كانت !!!
( لا اقتصاد ولا سياسة ولا حريات مكبلة ولا حقوق إنسان مهدرة ) من الممكن أن تشعل الثورة في مصر وهذا في قراءة طويلة لتاريخ المصريين منذ الفراعنة , فقد كان رأيي أن المصريين لم يعرفوا معنى الثورة الحقيقية على مدار تاريخهم ولكنهم عرفوا مقاومة الاحتلال الغربي فقط "حتى أنهم لم يعتبروا إن الأتراك مستعمرين فلم يقاوموهم وعاشوا معهم في وئام غريب ستة قرون كئيبة حتى أتى الخلاص على أيدي الفرنسيين في الحملة الفرنسية على مصر" وإحقاقاً للحق أنهم عرفوا مع ذلك عدة مواقف لانتفاضات وطنية مؤقتة ومحدودة ( مثل ثورة 1919 ) أو بعض الانقلابات التي قام بها ضباط الجيش ( مثل الثورة العرابية وثورة 23 يوليو وباركها الشعب فيما بعد فأعتبرت ثورات "مع أنها ليس كذلك وينطبق عليها قول خدعوك فقالوا أو قول قل ولا تقل" , وذلك لأن الشعب المصري تعود دائماً مباركة أفعال حكامه أي إن كانت ) , ولكن مع قيام الثورة التونسية في بداية هذا العام الجديد أدن إلى إني قد أعدت النظر في تحليلاتي السابقة بعد التعمق في أسباب قيامها فهناك ملامح بسيطة للتغيير القادم على الساحة العربية ككل لم نلحظها فيما سبق لبطئ حدوثها ونبدؤها من أخطرها , ففي تونس أنتحر شاب يحمل مؤهل عالي ويعانى من البطالة "محمد بو عزيزى" كان يملك عربه خضروات يحاول أن يسد بها جزء يسير من قوت يومه ولكن البلدية أخذتها منه وتسببت في ضياع أخر أمل له في الرزق مما جعله ينتحر وطبعاً بما إن معظم الدول العربية تسير على نفس النهج المصري في السياسة فقد أتى الحل من الدولة على نفس الشاكلة بسياسة العصي لمن عصى فمات في الساحة الكثيرين فتفاقمت الأوضاع وعندما لم تفلح هذه السياسة انتقل إلى سياسة العصي والجزرة ( ولاحظ هنا إن جزرة الحكومة التونسية أتت هذه المرة افتراضيه "بمعنى أخر أي خيالية ولا يمكن بها الضحك على الذقون" كما يقول المثل ) , وهي وعد من زين العابدين للشعب التونسي مستحيل تحقيقه اقتصادياً حتى بعد المنحة التي منحتها ليبيا لتونس ( 5 مليار جنية ليبي ) , "وهو بتعيين كل الخرجين خلال سنتين" وهو لا يمكن تحقيقه في هذه المدة حتى لو تمكنوا من إزاحة هذا النظام الحالي من السلطة وأتوا بالساحر هوديني للإصلاح ( ولاحظ أيضاً إنه لا حديث للحكومة عن بقية الشعب من غير الخرجين ولا عن تحسين أحوال المعيشة ) , وبالتالي نظامه أصبح في مهب الريح , وكأن احتراق بو عزيزى قد أشعل فتيل الثورة على صورة القشة التي قسمت ظهر البعير . ولا يوجد هنا أفضل من اقتباس قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر" .
( طبعاً هذه القصة المزرية متكررة آلاف المرات في أغلب دولنا العربية بنفس تفاصيلها المخزية بدءاً من الفقراء المعدمين الذين لا يجدوا من القوت ما يسدوا به جوعهم إلى الدولة الظالمة المستبدة ومن يحميها من صعاليك الأمن الذين لا يعرفوا معنى الرحمة بسياسة "الجعان يأكل ضرب لغاية لما يشبع ويشكر الحكومة على الخير اللي معيشاه فيه" إلى حتى المنتحرين بكافة الأشكال والألوان كمداً وشنقاً وحنقاً وخنقاً وحرقاً وتعذيباً ) ,
وكما حدث في تونس فهناك سيناريو مقارب في الجزائر مع تغيير بسيط في التفاصيل بإضافة المزيد من الفساد والطوارئ إلى الوصفة , فقانون الطوارئ يطبق هناك منذ سنة 1992 والأوضاع وإن كانت هناك تبدو هادئة على السطح فهي قد قاربت الغليان تحت الأرض , وعموماً وهذا السيناريو يحمل ملامح الوسطية بين السيناريو المصري والتونسي في كل شيء حتى في درجة غليانه .
أما بالنسبة للسيناريو المصري فله خصوصية وضعه فهو وإن كان السيناريو الأكثر احتقاناً إلا أنه أيضاً الأكثر ركوداً "نظراً للطبيعة المختلفة للثلاثة شعوب" إلا إذا حدثت فتنة طائفية فالوضع يهدد بالسوء ( فمصر وإن كانت تعانى أكثر من الاحتقان السياسي والاقتصادي والفساد والطوارئ ) إلا أنها تنفرد بوجود نوع غريب من العلاقة بين المسلمين والمسيحيين , فبالرغم من جو التسامح الظاهر الذي يبدو في الأجواء والذي يظهره تقريباً معظم الشعب المصري إلا إن قله من المتطرفين على الجانبين قد تفسد العلاقة تماماً ويحدث ما لا يحمد عقباه .
وعلى الطريق لحدوث التغيير وإن كانت لم تصل بعد إلى نقطة اللا عودة ’ فحتى إن تمكن نظام مبارك من تهدئة الشارع حالياً فلا مجال لحل مشاكل مصر لا على المدى القريب ولا البعيد في ظل نظامه الفاشل , وبالتالي لا حل وسيعود النظام إلى الغليان مرة أخرى ولن يصل للاستقرار إلا بمبتغاة وذلك بعد التغيير , ولهذا لم يبقى للنظام الحالي من حلول بعد لطم الخدود إلا بضرب الودع ووشوشة الذكر ليعرف عدد أيام الباقية في الحكم ,
عموماً التغيير قادم إن شاء الله قريباً فالدكتاتوريات الحالية تتعرى وتتآكل في العالم أجمع وهم في سبيلهم للانقراض , ومن راهنوا على الاختلاف بين التجربة التونسية وبقية الدكتاتوريات العربية عارضهم معظم مفكرى الشرق والغرب لأنه لم تلحظ أعينهم حقيقة المشهد أو لم تستوعب عقولهم غرابة ما جرى فقد راهنوا على التاريخ وحقيقي إنه يكرر نفسه أحياناً إلا أنه أحياناً أخرى قد يحدث فيه السبق للأحداث في نقاط انقلاب يصعب التنبؤ بها لأن معظم النماذج التنبئية قائمة على دراسة وتحليل الأحداث والنماذج المتشابهة السابقة عن الحدث ومقارنتها بأحدث رهانه أو ظروف معاصرة ولم يقم أي نموذج على دراسة نقاط الانقلاب في التاريخ .
وعموماً عشان ما أتفلسفش عليكم كثيراً سأصل بسرعة إلى لب قولي "فأنا أعتقد إننا أمام نقطة انقلاب في التاريخ لا تقاس على ما سبقها من أحداث وملابسات ولكن يفهم منها أن الغد ليس كالبارحة فالاحتقان الحالي قابل للتحريك بسهولة حتى وإن كان بسبب مشكلة صغيرة في الشارع تحدث فتنه " .
فقد تصور معظم المحللين السياسيين إن ما حدث في تونس غير قابل للتكرار لأن الظروف وطبيعة الشعبين مختلفة , واستشهدوا بانتحار أربعة أفراد حرقاً في الجزائر وواحد أمام البرلمان الموريتاني وأثنين أمام مجلس الشعب المصري لم يحرك سكناً في الشارع الجزائري أو الموريتاني أو المصري .
ومع ذلك إن التغيير قادم قريباً جداً إن شاء الله في العالم العربي لأن من قاموا بتحليل الثروة التونسية أخطئوا في تحليل أسباب قيامها فهي ليست مجرد ثورة قامت لمجرد مصادرة لعربية خضار ولكنها كانت القشة التي قسمت ظهر البعير , فقد سبق هذه الثورة ثورة تكنولوجية عظيمة اجتاحت العالم فغيرت من شكله وواكبتها ثورة إعلامية وأدوا معاً فيما بعد إلى تغيير كبير في المقاييس والمفاهيم الأساسية للقاعدة العريضة من عامة الشعوب فقد أدى انتشار الفضائيات والإنترنت إلى انتشار الوعي بالحريات المنتشرة في الغرب وفتحت الجموع الكبيرة أعينها على حقائق ومفاهيم ودروس مستفاده لم تستطع الحكومات حجبها عن شعوبها ولا استيعابها مثل :
أولاً : ما وقع في قلب كل عربي عندما حدثت انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية في عدة دول صغيرة وأخرها ساحل العاج وهي دولة أقل من دولنا شأناً وتعانى من وطئه الجوع والجهل والمرض وضعف الاقتصاد أكثر منا , فأشعرته كم هو مسفه ومهان ومحروم من الحرية والديمقراطية فى بلاده التي تعامل شعوبها كالخراف والحمير فتسوقهم إلى مصيرهم المحتوم دفناً أفراداً وقطعاناً بدون أن يشاركوا في صنع أقل ما يمس جوهر حياتهم من قرارات وقوانين .
وثانياُ : الوجه الثاني للصورة وهو "إن التغيير ممكن جداً وبتضحيات بسيطة مها كانت الدولة بوليسية ومهما كانت قوى الأمن فيها قوية وتقبض بشدة على زمام الأمور" , فقوات الأمن في تونس كانت مثلاً أقوى أربعة مرات من الأمن في مصر إذا قيست نسبياً إلى عدد السكان .
وثالثاً : إن الثورة والتغيير لا تحتاج إلى من يقودها بل من الممكن إن تحدث فقط بمجرد تحريك وصمود الجموع في الشارع لفترة وجيزة من الزمن .
ورابعاً : إن نزول الجيش إلى الشوارع أثناء ثورة شعبية فسيقف فغالباً مع الشعب وليس ضده لأنه يأتي من صلب الشعب ضباطاً وجنوداً ويعانى من كل ما يعانوا منه , كما أنهم مجهزين فقط لمهام وطنيه وليس لقتل معارضين النظام .
وخامساً : إن هناك مصطلح بيعرف "بإطلاق النار المعدي" , وهو ببساطة بيحدث عندما بتتأزم الأوضاع وتشتد الأعصاب وتحتقن الأنفس ويتكهرب الجو المحيط فبمجرد أسقاط واحد لحجر بيؤدي إلى انفجار الموقف بلا تفكير" , وهذا ينطبق على مجمل الموقف العربي فهو محتقن منذ زمن والثورة التونسية قد أشعلت فتية فلن يلبس أن ينفجر في من يضغط عليه ويحاول احتواءه والمسألة مسألة وقت ليس إلا .
وسادساً : إن الانتخابات الرئاسية قاربت ولا يمكن حالياً التوريث وحتى إن حدث التمديد بهدوء فلا احد يعرف كم ستدوم هذه الفترة الرئاسية وما سيتبعها من صراع "فالتحالف الحالي للقوى الحاكمة هو تحالف للذئاب لا تتقاتل في وجود زعيمها ولن تبقى على عهد عند رحيله" .
وسابعاً : الرحيل المخزي لبن على وتخلى الجميع عنه وتنكرهم له بمجرد هروبه بما فيهم مصر والقبض أو القتل لكل أقاربهم أو أعوانهم طرح تساؤل على ذهن كل ديكتاتور "هل إذا قامت الثورة سيستطيعوا الهرب ؟ وإن هربوا هل سيستطيعوا تأمين عائلاتهم ؟!!!" فليس كل الثورات تأتى بيضاء وإن الاحتمال الأكبر أن تكون الثورة المصرية أكثر دموية من الثورة التونسية فالمثل يقول "أتقى شر الحليم إذا غضب" , كما إن المصريين منتشرين في معظم بلاد الأرض , بالإضافة إلى أنهم سيكونوا مستهدفين في الغالب من نشطاء القاعدة في أي مكان يذهبوا إليه .
عموماً لكل ما سبق لم يعد يطالب الشارع بالخبز فقط بل بالحرية فقد فهمت الطبقة العريضة الحقيقة التي لم يفهمها حكامها ومحلليهم فليس بالخبز فقط يحيا الإنسان , ولا يمكن الآن إعادة عقارب الساعة للوراء فالعجلة قد دارت بالتغيير لطبائع ومفاهيم ومبادئ ومرجعيات الشعوب , ومن يراهن على أن الشعوب لا تطالب بالديمقراطية وإنما تطالب فقط ببعض التغييرات الاقتصادية "مثل أسعار بعض السلع فقد تخلفوا عن فهم مفردات عصرهم فالدكتاتوريات أصبحت الآن في الطريق إلى الانقراض كما أصبحت الآن الدينصورات في ذمة التاريخ والفرق الوحيد مابينهم أن الأولى لا مكان لها حتى في متاحف التاريخ ولكن في مزابله , فهناك ملامح سياسية وسمات أساسية تتسم وتتصف بها كل الدكتاتوريات , فإذا كان بن على لم يفهم إلا بعد أن فات الأوان فمازلت أشعر أن معظم قرناءه لم يفهموا لا هم ولا من يحيطون بهم من بطانه سؤ حقيقة ما حدث , فمازالوا يأملوا في دوام الحال كما هو عليه في حين أنهم يمروا بلحظة فقدوا فيها الحس بالأرض التي يقفوا عليها فتحولوا من واقعيين إلى حالمين "فأحياناً من كثرة التكرار يصدق الواحد ما يهيأ له عقله اللاواعي" , فالمؤكد إن شمس الدكتاتوريات قد أفلت وغربت منذ زمن وإن شروق نور الحرية على ربوع الشارع العربي قد قرب , فقريباً جداً سيحدث هذا في اليمن ومصر ثم ستلحق بهم الجزائر فيما بعد ويتبعهم بعد ذلك أغلب الدول العربية "فالقلوب بأيدي الرحمن يحركها كيف يشاء" , والظروف في اليمن تتشابه جداً مع الوضع في تونس قبل الثورة ولكن على عبد الله صالح لم يفهم بعد كما إن الأوضاع في مصر شديدة الاحتقان ومثل القنبلة المؤقتة القابلة للانفجار في أي وقت ولأي سبب حتى وإن كان تافه وغير منطقي وغير معقول مثلما حدث في تونس فالانتخابات الرئاسية المصرية قريبة جداً والمتبقي من الوقت لا يكفى لخروج الشعب مما هو فيه من ظروف محيطة وجو مهيأ للثورة فهو بالطبع لن يقبل بالتوريث ولن يستطيعوا في ظل الظروف الحالية فرضه عليه خوفاً من تحركه للشارع في ظل اضطراب الأوضاع ولم يبقى أما الحزب الوطني ونخبة الفاسد وأصحاب المصالح إلا التمديد بكل ما يحمل من مخاطر لأنه قد تعدى الثمانين سنة ومهما بالغوا في حسن حالته الصحية فلا أحد يعلم متى تأتى النهاية وإن حدث هذا حتى بعد عمر طويل فلا أحد يعتقد بأنه يمكن أن يحمى الأمن أو الجيش الوجه الجديد للفساد ضد إرادة الشعب إن أراد التغيير وذلك نظراً لهشاشة الوضع الأمني المصري مقارنة بتونس فقواته مجتمعة بما فيهم الأمن المركزي مصر لا يتعدى تعدادها النسبي ربع مثيلتها في تونس إذا ما قورنت نسبتها بتعداد السكان في البلدين , كما أن نسبتها لن تتحسن بإضافة الجيش إليها مقارنة بتعداد السكان وذلك لأن :
أولاً : الجيش التونسي قد وقف على الحياد مع الثورة وضد بن على بالرغم من إنه كان ينتقى قوادة دائماً من الموالين له والمقسمين على الوفاء حتى النهاية .
ثانياً : حتى إن وقف الجيش المصري مع الدكتاتور ضد الشعب فالحجم النسبي للجيش وقوات الأمن مجتمعة بالنسبة لتعداد الشعب المصري يمثل في حدود نصف نسبه الأمن التونسي مقارنة بتعداد شعبه بدون حتى الأخذ بحجم الجيش التونسي في الاعتبار "فالدولة التونسية كانت دولة أمنية بامتياز ولم ينفعها هذا في صد الثورة" .
ثالثاً : الجيش المصري وطني جداً ويشهد له التاريخ بذلك منذ عرف وبأنه لم يطلق طلقه واحده على الشعب المصري ولم يقف مع حكامه ضد أي انتفاضه شعبية تتحرك من الشارع , وذلك لأن صلب الجيش المصري جنوداً وضباطاً يأتى من الشعب بطوائفه وإنه حتى إن أطمأن الحاكم إلى قيادة الجيش وبأنها ستقف معه ولن تفعل مثل ما فعلت في تونس , فأعتقد انه كفرعون "أستخف قومه فأطاعوه" , فحرك الجيش إلى الشوارع فتشير الأحداث إلى أنه لن يطلق طلقه واحدة في اتجاه الشعب بل سيلتحم معه ضد الظالمين ,,, وعندها سنرى الظالمين أي منقلباً سينقلبون .

حمدى عصام